4th Jun 2025
في صباحٍ جاف، كانت الشمس ترسل حرارتها بقسوة على أطراف محمية اللياح. طارت القُبّرة المتوجة على ارتفاع منخفض، تبحث بيأس عن ظل أو قطرة ماء. فجأة، اختلّ توازنها بفعل دوامة رياح ساخنة، وسقطت في حفرة مملوءة بالزيت الأسود.
ارتفعت سحابة دخانٍ خفيف، وارتعشت القُبّرة وهي تحاول الخروج، لكن جناحها التصق بالمادة اللزجة. رفرفت مرتجفة وهمست لنفسها: 'أهذا هو مصيري؟ أن أموت وسط القذارة؟'
لكن قبل أن تفقد الأمل، سمعَت صفيرًا حادًا يقترب من بعيد، وتَبِعَته رفرفة خفيفة. كان طائر الوروار الأخضر يحلق بخفة، ثم هبط قرب الحفرة.
قال الوروار بدهشة وقلق: 'يا ساتر! قُبّرة! ماذا تفعلين هنا؟ أنتِ مغطاة بالزيت!' أجابت بصوتٍ متهدّج: 'سقطت... لم أرَ الحفرة... كل شيء هنا ملوث، ضائع... لا حياة، لا ماء.'
اقترب الوروار بحذر، ثم التقط غصنًا صغيرًا ومدّه إليها: 'تشبّثي به! لن أدعكِ تغرقين في هذا الموت الأسود.' وبعد محاولات مرهقة، خرجت القُبّرة من الحفرة، تئنّ من التعب، وريشها ملطّخ بالسواد.
جلست القُبّرة قربه وقالت: 'لماذا أصبح المكان هكذا؟ كنت أطير هنا منذ سنوات... كانت الأرض تبتسم، والريح تغني.' تنهد الوروار وقال: 'الناس نسوا أن هذه الأرض روح... داسوا على قلبها من أجل الحصى، ثم تركوها تنزف وحدها.'
وفجأة، سُمعت صرخة عالية تشق السماء: 'بُشرى! بُشرى أيها الأصدقاء!' كان الهدهد يحلّق بدوائر فوق رؤوسهم، ثم هبط بقوةٍ على صخرة قريبة، والفرح يملأ عينيه.
قال الهدهد وهو يلتقط أنفاسه: 'سمعت الأخبار من مصدرٍ موثوق! حملة تنظيف بدأت الآن في اللياح! الجرافات أزالت أول جبل نفايات، والمتطوعون بدؤوا بفرش الأرض بسعف النخيل العضوي!'
رفعت القُبّرة رأسها بتعب: 'هل تمزح؟ نحن نغرق في الزيت... وأنت تتحدث عن الحلم؟' ضحك الهدهد وقال: 'ليست أحلامًا يا أصدقاء، بل خطة حقيقية! سيُزرع العرفج، ويعود النصي، وتُفرش الأرض بألياف النخل لتُثبّت الرمال. ستصبح اللياح جنة للصحراء من جديد.'
اقترب الوروار وقال بحذر: 'وما الذي يضمن هذا؟' ردّ الهدهد، بعينين تلمعان من الإيمان: 'معهد الكويت للأبحاث العلمية هو من يقود العمل. والأهم... أن الأرض تريد أن تُشفى. أنتم رأيتم كيف نبتت الزهرة بين الحجارة، رغم الجفاف؟'
سكت الجميع لحظة، قبل أن تهمس القُبّرة: 'إن عادت الحياة... سأغني من جديد.' مرّت الأسابيع، وبدأ كل شيء يتغير. اختفت النفايات، وامتلأت الحُفر، وظهرت بقع خضراء صغيرة وسط الرمال.