8th May 2025
في مدينة غرناطة الزاهية، خلال العصر الذهبي للأندلس، عاش صبيٌ فضوليٌ في التاسعة من عمره يُدعى علي. رافقته في مغامراته صديقته أبرار، التي كانت ضفائرها تتراقص مع كل خطوة بينما يستكشفان أروقة قصر الحمراء الرخامية. وفي يومٍ ما، بينما كانا يلعبان قرب "فناء الأسود"، لاحظا توقف نافورة القصر العظيمة عن الجريان. همس البستانيون بقلق: *"بدون الماء، ستموت الحدائق!"* انحنى علي ليُمعن النظر في الحوض الجاف. قال: "ربما الأنابيب القديمة مسدودة"، مستذكراً قصص جده عن عبقرية مهندسي الحمراء. قالت أبرار بقلق: "لكن كيف نصلحها؟ نحن مجرد أطفال!" ابتسم علي: "الحكمة لا تُقاس بالحجم، بل بالتعلم!"
انطلق الصديقان إلى "دار الحكمة"، حيث يجتمع علماء من كل الديانات. هناك، التقيا فاطمة، أمينة المكتبة ذات العينين الواسعتين التي تخفيان أسراراً. قالت لهم: "ترك البناؤون القدامى أدلةً في قصائد منحوتة على الجدران"، ثم قدمت لعلي كتاباً قديماً يحوي رسماً للنافورة وأبياتاً عربية: *"حيث تلتمع الرياح الأربع تحت عين الشمس، يتحول الصبر إلى فنٍّ في قلب الحجر."* تألقت عينا علي: "الحل في هندسة القصر!" أجابت أبرار بحماس: "لنكتشف الأبراج!"
صعد الاثنان إلى أبراج الحمراء الشامخة، كل برجٍ يشير إلى اتجاهٍ من الاتجاهات الأربعة. في برج القمر (الشمال)، اكتشف علي بلاطةً مخفيةً تحتوي على ذراعٍ معدني. لكن عند سحبه، لم يحدث شيء! قالت أبرار بذكاء: "يجب تفعيل الأذرع الأربعة معاً!" انطلقا إلى برج الشمس (الجنوب)، وبرج الرياح (الشرق)، وبرج الأرض (الغرب)، حيث وجدا آلياتٍ مدهشة.
في البرج الأخير، علق الذراع الحديدي. قالت أبرار: "إنه ثقيل جداً!" توقف علي للحظة، ثم تذكر كلمات فاطمة: *"الصبر يُحوِّل الصخر إلى تحفة."* حرك الذراع برفقٍ يميناً ويساراً... **طَقْ!** فجأةً، انهمر الماء في القنوات، وعادت النافورة تُغني، وقطراتها تتلألأ كالنجوم. هتف الناس فرحاً! قال البستاني: "أنقذتما الحمراء بحكمتكما!" رد علي بخجل: "لم نكن إلا تلاميذَ للتاريخ... وعملنا كفريق."
بتلك الليلة، اشتعلت الحمراء بأنوار الفوانيس الملونة. اجتمع المسلمون والمسيحيون واليهود يحتفلون معاً، يتشاركون حلوةَ اللوز وقصص الأجداد. داعب جدُّ علي شعره قائلاً: "الحكمة يا بُني ليست في حفظ المعلومات، بل في **ربطها بالقلب**، كالماء الذي يروي كل زهرةٍ بلا تمييز." ضحكت أبرار: "حتى الصغار يمكنهم أن يُغيِّروا العالم بقطرة ماء!"